نشر بواسطه/محمد الشيشيني
موقع بروجرام رجحت وحدة بحوث بنك قطر الوطني (QNB) استمرار مسار التضخم الأمريكي في الاعتدال، خلال الأشهر المقبلة نحو مستويات مقبولة، بعد أن انخفض بشكل كبير من ذروته، مدعوما بالنمو القوي في الإنتاجية، وانخفاض ضغوط سوق العمل، وتباطؤ تضخم الإيجارات.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي إن هذا الأمر سيمهد الطريق لبداية دورة تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر المقبل، بواقع تخفيضين بمقدار 25 نقطة أساس العام الحالي، وتخفيضات لاحقة بمقدار 25 نقطة أساس بعد كل اجتماعين بشأن السياسة النقدية حتى أوائل عام 2026، حيث ينبغي أن تستقر أسعار الفائدة بين 3.75 و4%.
وأشار إلى أن التضخم في الولايات المتحدة يعد حاليا أحد أكثر متغيرات الاقتصاد الكلي، التي يتم رصدها عن كثب حول العالم، حيث أدت على مدار الأشهر الماضية، ضغوط الأسعار الأعلى من المتوقع إلى مخاوف من أن يصبح التضخم أكثر ثباتا، وفي حال استمرت لفترة أطول، فإنها قد تقوض خطة البنك الفيدرالي للبدء في تيسير سياسته النقدية هذا العام. ولفت إلى أن المقياس المفضل من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي لرصد الأسعار هو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وتستبعد النسخة الأساسية من هذا المؤشر السلع الأكثر تقلبا، كالغذاء والطاقة، والتي تتأثر بعوامل خارجية، مثل التغيرات الجوية المفاجئة، والأحداث الجيوسياسية، ومن خلال إزالة الأسعار الأكثر عرضة للتقلبات على المدى القصير، فإن المؤشر يوفر قدرا أكبر من المعلومات حول اتجاهات التضخم الأساسية.
ووفقا لمقياس نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، بلغ التضخم ذروته في 2022 أثناء فترة التعافي بعد الجائحة، ومنذ ذلك الحين، تراجع التضخم بشكل ملحوظ، مدفوعا بعودة سلسلة التوريد إلى طبيعتها، والتباطؤ الاقتصادي السليم، وتشديد السياسة النقدية.
وأضاف البنك، نناقش العوامل الرئيسية الثلاثة التي تدعم توقعاتنا بشأن التضخم، وهي
– مساهمة النمو القوي في الإنتاجية في الولايات المتحدة في إعادة التضخم إلى النسبة المستهدفة. وتعني زيادة الإنتاجية أنه يمكن إنتاج المزيد من السلع والخدمات بقدر محدد من الموارد، مما يقلل تكاليف الإنتاج، ويؤدي هذا بالتالي إلى تخفيض الأسعار بالنسبة للمستهلكين. خلال تسعينيات القرن الماضي على سبيل المثال، كان التقدم في تكنولوجيا المعلومات، والإنترنت على وجه الخصوص، دافعاً لتسارع نمو الإنتاجية في الولايات المتحدة. وفي المقابل، ساهمت زيادة الكفاءة والمنافسة في إبقاء التضخم تحت السيطرة.
– يتوقع أن يؤدي تباطؤ أسواق العمل إلى تخفيف مطالب العمال بزيادة الأجور، ما يقلل الضغوط على تكاليف العمالة بالنسبة للشركات، وفي الوقت الذي يبلغ فيه معدل البطالة أدنى مستوى تاريخي عند 4.1%، فإن المؤشرات التي عادة ما تتوقع الظروف في أسواق العمل تشير إلى أن السوق يفقد زخمه.
– سيصبح انخفاض تضخم مكون الإسكان في مؤشر الأسعار مساهما رئيسيا في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع المقبلة، ويمثل الإسكان قرابة 15 بالمائة من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ويتضمن إما الإيجار، أو إذا كانت الوحدة السكنية يشغلها مالكها، ما يشكل كلفة استئجار وحدة معادلة في سوق الإسكان الحالي.
ووصل التضخم في قطاع الإسكان إلى ذروته عند 8.2 بالمائة في أبريل 2023، أي بعد وقت طويل من ذروة التضخم الإجمالي، وهو ما يعكس ثبات أو جمود الأسعار في القطاع، الذي يتم فيه تحديد التكاليف من خلال العقود طويلة الأجل، وبالتالي تتفاعل الأسعار بشكل أبطأ مع تغيرات ظروف الاقتصاد الكلي، ولا يمكن أن تتغير الإيجارات إلا عند انتهاء عقد الإيجار، وهو ما يحدث عادة سنويا، وظل تضخم الإسكان ينخفض بوتيرة ثابتة منذ منتصف 2023، وهو حاليا أقل من 6% على أساس سنوي.
ومع ذلك، تظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثا، والتي تستبق الاتجاهات الإحصائية التقليدية، أن تضخم الإيجارات أقل من مستويات ما قبل الجائحة، ويشير هذا الأمر إلى أن مكون الإسكان في مؤشر الأسعار سيستمر في التباطؤ خلال الفترة 2024 – 2025، ما يساعد على خفض التضخم الإجمالي.